Truth عربي … عين على الحقيقة

الرئيسية - المقالات - انتكاسة جديدة لحق الشعوب في تقرير المصير

انتكاسة جديدة لحق الشعوب في تقرير المصير

انتكاسة جديدة لحق الشعوب في تقرير المصير
بواسطة رئيس التحرير عبدالصمد تيطراوي
31 Oct 2025

 

أثار قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول قضية الصحراء الغربية، الذي تبنّاه اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، موجة من الجدل والنقاش الحاد في الأوساط الدبلوماسية والحقوقية، بعدما اعتمد المجلس، بأغلبية 11 صوتًا من أصل 15 مع رفض الجزائر للتصويت، قرارًا يُكرّس خطة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط كمرجعية أساسية للبحث عن حل للنزاع المستمر منذ نصف قرن.

القرار الذي قُدّم بمبادرة من الولايات المتحدة وبدعم فرنسي وبريطاني، اعتُبر من قبل الأطراف الداعمة “انتصارًا دبلوماسيًا” للمغرب على الصعيد الدولي. غير أن أطرافًا أخرى، من بينها جبهة البوليساريو وأنصار حق الشعوب في تقرير مصيرها، اعتبرت أن القرار يشكّل تراجعًا خطيرًا عن المبادئ الأممية التي تضمن حق الشعوب المستعمَرة في الاستقلال والاختيار الحر لمستقبلها السياسي.

فبينما كان الهدف الرسمي للاجتماع هو تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، انتهى النقاش بإعادة صياغة الإطار المرجعي للنزاع بما يخدم رؤية الرباط. وهو ما أثار خيبة أمل عميقة لدى الشعب الصحراوي الذي يرى في هذا القرار انحيازًا واضحًا من قبل بعض القوى الكبرى لصالح طرف على حساب آخر، وتجاهلًا للقرارات الدولية السابقة التي نصت صراحة على حق تقرير المصير عبر استفتاء حر ونزيه.

العديد من الخبراء في القانون الدولي اعتبروا أن القرار الأخير لا يخدم مسار التسوية العادلة، بل يُكرّس سياسة الأمر الواقع ويُفرغ مساعي الأمم المتحدة من محتواها الحقيقي. فبعد أكثر من ثلاثين عامًا على إنشاء بعثة المينورسو، لم يتمكن المجتمع الدولي من تنظيم الاستفتاء الذي كان يُفترض أن يحدد مستقبل الإقليم، بل تحوّل المسار إلى مفاوضات مفتوحة لا نهاية لها.

من جهتها، عبّرت عدة منظمات حقوقية عن قلقها من أن يُستغل هذا القرار كغطاء لتبرير إقصاء إرادة الشعب الصحراوي، داعية الأمم المتحدة إلى العودة إلى روح قراراتها الأصلية التي تؤكد أن تصفية الاستعمار لا تتم إلا بإرادة السكان المعنيين. كما شددت على أن أي حل لا يستند إلى هذا المبدأ لن يكون إلا حلاً مؤقتًا وهشًا.

في المقابل، يرى مراقبون أن هذا القرار يعكس تراجع تأثير الأصوات الداعية إلى استقلال الصحراء الغربية داخل مجلس الأمن، مقابل صعود نفوذ القوى الغربية التي باتت تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي في مجالات الأمن والطاقة والهجرة. وهي مقاربة براغماتية، لكنها – بحسب منتقدين – تُهدد مصداقية الأمم المتحدة وتُحوّل مبادئ العدالة وحقوق الشعوب إلى رهائن لمعادلات المصالح السياسية.

وفي الوقت الذي يحتفل فيه نظام المخزن بما اعتبره “انتصارًا دبلوماسيًا”، يواصل الصحراويون تمسكهم بحقهم المشروع في تقرير المصير، مؤكدين أن كل محاولات الالتفاف على هذا الحق لن تُغيّر من واقع القضية، التي تظل قضية تصفية استعمار في نظر القانون الدولي، وأن التاريخ سيحكم في النهاية لصالح الإرادة الحرة للشعوب، لا لموازين القوى الآنية.

آخر الأخبار :