المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك تقيّم: هل نجحت الجزائر في ضبط الأسواق؟

26 Mar 2025
في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها الجزائر، والتحديات التي يواجهها المستهلك الجزائري، تبرز قضايا حماية المستهلك وضبط السوق كملفات أساسية على طاولة النقاش. ومع التوجيهات الأخيرة لرئيس الجمهورية حول تعزيز الرقابة ومحاربة المضاربة، أصبح من الضروري تقييم مدى فاعلية هذه التدابير وانعكاسها على الحياة اليومية للمواطن.
في هذا السياق، أجرى موقع Truth حوارًا مع الأستاذ حاج بكوش حبيب مروان، المحامي والمكلف بالعلاقات العامة لدى المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، حيث تطرق إلى الإجراءات الحكومية، التحديات الراهنة، ودور المواطن في ضبط السوق، بالإضافة إلى رؤيته حول الإصلاحات القانونية المطلوبة لضمان حماية أكبر للمستهلك الجزائري.
بعد توجيهات رئيس الجمهورية الأخيرة بشأن حماية المستهلك، ما هي الخطوات المتخذة؟
نظن أن توجيهات رئيس الجمهورية جاءت كخطوة تلي مجموعة من خطوات سابقة استهدفت إعادة توجيه الاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مبني على تنويع الإنتاج.
ربما في البداية كانت الأمور صعبة، لا سيما بعد غلق الأبواب أمام الاستيراد، ولكن اتضحت الاستراتيجية بعد خمس سنوات. فاليوم نحن نرى حقيقة تنوع في المنتجات عبر السوق الوطني.
كذلك بالنسبة لتحلية المياه، من خلال تصريحات السيد الرئيس يظهر جليا أن الدولة تسير نحو إعادة هيكلة البنى التحتية، وهذا في مختلف القطاعات.
هل لاحظتم أي تحسن في السوق هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، أم أن هناك عراقيل تعيق تطبيقها؟
إذا نظرنا من زاوية محصورة، من المؤكد أن المواطن يشكو من غلاء الأسعار، ولكن تحليل كهذا لابد أن يدرج ضمن المعطيات بالمقارنة مع السنوات السابقة.
صحيح أننا عموما لم نشهد انخفاض الأسعار، ولكن نشهد استقرارا نسبيا، مما يعني أن الدولة استطاعت من خلال سلسلة من التدابير ضبط السوق ووضع حد للتضخم الذي كنا نشاهده سابقا.
كيف تتابعون مدى التزام الجهات المعنية بهذه التوجيهات، وهل هناك آليات رقابية فعالة لضمان تنفيذها؟
التزام الدولة قائم، ولكن مررنا بمراحل كان لابد فيها من تعديلات، لا سيما من خلال العمل على ترسانة قانونية جديدة، وهذا ما شاهدناه. من بين أهم هذه القوانين، قانون مكافحة المضاربة غير المشروعة، الذي ساعد على وضع حد للمضاربة نسبيا بفضل تحرك الجهات الأمنية والجهات القضائية.
هل ترون أن التدابير الحكومية الحالية كافية، أم أن هناك حاجة إلى قرارات أكثر صرامة لحماية المستهلك؟
من المؤكد أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال الاكتفاء بما سبق، لأن التدابير تتطور مع تطور وضعية السوق. فالسؤال لا يتعلق بما إذا كانت التدابير كافية، بل ما هي التحديات المستقبلية التي ينبغي مواجهتها.
كيف تتعاملون مع الشكاوى الواردة من المواطنين، وما هي أبرز القضايا التي تشغل بال المستهلك الجزائري اليوم؟
الشكاوى التي نتلقاها دائما تؤخذ بعين الاعتبار وتُوصل مباشرة إلى السلطة الوصية للتكفل بها.
أما التدابير المتخذة، فقد سمحت كما ذكرنا سابقا بضبط الأسعار والحد من ظاهرة الارتفاع غير المبرر.
شهر رمضان شهد مضاربة وارتفاعا في الأسعار في بعض المواد رغم ردع السلطة وتسليط أقصى العقوبات، كيف تتابعون هذه الظاهرة وما الإجراءات التي يجب اتخاذها مستقبلا للحد منها؟
عموما، لا يمكن الجزم بأن الأسعار ارتفعت، لأن الارتفاع يُقاس على القدرة الشرائية ككل وليس على منتج أو منتجين فقط.
ارتفاع سعر الموز مثلا كان استثناء راجعا إلى مجموعة من الأسباب، من بينها المضاربة. ولكن رأينا كيف تحركت الجهات الأمنية والقضائية بسرعة من خلال توقيف رخص الاستيراد من جهة، ومن خلال متابعة المضاربين من جهة أخرى.
هذه الظاهرة تستدعي سنوات من العمل للقضاء عليها نهائيا.
هل تعتقدون أن هناك حاجة إلى إصلاحات تشريعية جديدة أم أن القوانين الحالية كافية لحماية المستهلك؟
بالتأكيد، القانون مادة حية ولا يمكن الاكتفاء بالترسانة القانونية مهما كانت، لأنها تتطور وتعدل حسب مقتضيات السوق.
فعلى سبيل المثال، قانون مكافحة المضاربة يحتاج إلى تطوير وإعادة ضبط بعض المصطلحات، لا سيما مصطلح التخزين، الذي يشكل عنصرا من عناصر الجريمة. لذلك، من الضروري إجراء تعديلات لتحديد كيفيات التخزين التي يمكن اعتبارها مضاربة.
ما مدى وعي المواطن الجزائري بحقوقه كمستهلك، وكيف تساهمون في نشر الثقافة الاستهلاكية الصحيحة؟
وعي المستهلك اليوم مقارنة بالماضي شهد تحسنا ملحوظا. أصبح المواطن أكثر اطلاعا على حقوقه ومدركا لها.
من جهة أخرى، هناك إحصائيات تؤكد انخفاض بعض الظواهر السلبية مثل الطوابير والتبذير، وهذا يعكس عودة الثقة في السوق إلى حد ما.
كيف يمكن للمواطن المساهمة في إنجاح هذه الإجراءات، وما هي طرق الإبلاغ عن التجاوزات؟
يجب أن يدرك المستهلك أنه العنصر الأساسي في استقرار السوق، ومن المؤكد أن نجاح هذه التدابير مرتبط بتعاونه ووعيه.
على المستهلك أن يكون شريكا في التنمية الاقتصادية، وأي تجاوز يمكنه الإبلاغ عنه عبر القنوات الرسمية المتاحة.