Truth عربي … عين على الحقيقة

أرقام مقلقة في ظل تفاقم أزمة الفقر في المغرب

أرقام مقلقة في ظل تفاقم أزمة الفقر في المغرب
بواسطة قسم التحرير
11 Mar 2025
الحدث

 

يواجه الشعب المغربي اليومَ أزمةً اجتماعيةً متناميةً بسبب ارتفاع معدلات الفقر، بحيث كشفت أحدثُ التقارير والإحصاءات أن شريحةً واسعةً من المواطنين تعيش في ظروفٍ اقتصاديةٍ جد صعبة، وسط تحدياتٍ تشمل البطالة، وتراجع القدرة الشرائية، وتأثيراتِ الجفاف على الاقتصاد المحلي.

معدلات الفقر: أرقام مقلقة

بحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن عدد الفقراء في المغرب قد ارتفع إلى 1.42 مليون شخص في عام 2023، موزعين بين المدن والقرى، حيث تعاني المناطق الريفية أكثر من نظيراتها الحضرية. 

ووفقًا لبيانات رسمية، ارتفع معدل الفقر الوطني من 1.7% في 2019 إلى 3.9% في 2022، وهو ما يؤكد خطورة الوضع ويعكس تحديًا كبيرًا أمام سياسات التنمية المستدامة.

البطالة وتأثيراتها على الفقر

وتعد البطالة من أبرز العوامل التي تفاقم الفقر في المغرب، حيث بلغ معدل البطالة 13.3% في 2024، مقارنةً بـ13% في العام السابق. وكانت هذه الزيادةُ مدفوعةً بفقدان 137,000 وظيفة في القطاع الزراعي نتيجةَ موجات الجفاف المتكررة التي يعاني منها المغربُ للسنة السابعة على التوالي.

وبالإضافة إلى ذلك، تواجهُ فئة الشباب تحدياتٍ أكبر، إذ بلغت نسبة البطالة بينهم 36.7%، فيما يعاني 19.6% من الخريجين من البطالة، وهو ما يؤثرُ بشكلٍ مباشرٍ على قدرتهم على تحقيق الاستقلال المالي وتأسيس أسر.

الفقر متعدد الأبعاد: أزمة تتجاوز الدخل

لا يقتصر الفقرُ في المغرب على قلة الدخل، بل يمتدُّ إلى الجوانب الأساسية للحياة مثل التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. ووفقًا لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعاني 6.4% من سكان المغرب من الفقر متعدد الأبعاد، والذي يشملُ محدوديةَ الوصول إلى الخدمات الأساسية وسوءَ المعيشة.

ارتفاع تكاليف المعيشة وتآكل القدرة الشرائية

يُعاني المغاربةُ من ارتفاع الأسعار، خاصةً في ظل التضخم الذي أثر على المواد الغذائية والطاقة. وبلغ متوسطُ الدخل السنوي للفرد في 2023 نحو 21,949 درهمًا، لكن هذه الأرقام لا تعكسُ الفجوةَ الاقتصاديةَ الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية، حيث أن 71.8% من الأسر لديها دخلٌ سنوي أقل من المتوسط الوطني.

وفي المقابل، ارتفع متوسطُ النفقات السنوية للأسر من 76,317 درهمًا في 2014 إلى 83,713 درهمًا في 2022، ما يُظهرُ أن التكاليفَ المعيشيةَ تواصلُ الارتفاعَ بوتيرةٍ أسرع من الدخل في وقت أعلنت الحكومة المغربية عن برامجَ يسعى لدعم الفئات الهشة، من بينها تخصيص 1.4 مليار دولار لدعم خلق فرص العمل، بالإضافة إلى تعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة. كما تسعى الحكومةُ لتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، إلا أن هذه المبادرات تواجه تحدياتٍ تتعلقُ بسرعة التنفيذ ومدى تأثيرها الفعلي على الفئات الأكثر تضررًا.

هل تكفي هذه الجهود؟

رغم الخطواتِ التي اتخذتها الحكومةُ، إلا أن التحدياتِ لا تزالُ كبيرةً، ويبدو أن محاربةَ الفقر تحتاجُ إلى مقاربةٍ شاملةٍ تشملُ تعزيزَ النمو الاقتصادي، وتقليلَ الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، وضمانَ عدالةٍ اجتماعيةٍ أكبر.

يبقى السؤالُ المطروح: هل يستطيع المغرب تجاوزَ أزمة الفقر في ظل التحدياتِ الاقتصاديةِ المتزايدة، أم أن هذه الظاهرة ستظلُّ قائمةً لسنواتٍ قادمة؟ الإجابةُ تعتمدُ على مدى نجاحِ الإصلاحاتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، وقدرةِ الحكومةِ على خلق فرصٍ حقيقيةٍ للنمو والعدالة الاجتماعية.

آخر الأخبار :