Truth عربي … عين على الحقيقة

الرئيسية - المقالات - الإعلام والأفلام في رمضان..بين الرداءة والسعي وراء الإثارة على حساب القيم

الإعلام والأفلام في رمضان..بين الرداءة والسعي وراء الإثارة على حساب القيم

الإعلام والأفلام في رمضان..بين الرداءة والسعي وراء الإثارة على حساب القيم
بواسطة قسم التحرير
23 Mar 2025
ثقافة

 

لم تعد الشاشة الصغيرة في شهر رمضان في الجزائر، كما كان في السابق، موسمًا للإبداع والرسائل الهادفة، بل تحول إلى ساحة مفتوحة للرداءة الإعلامية، حيث تتسابق القنوات الفضائية لإنتاج أعمال سطحية تخلو من أي بعد فكري أو جمالي، وتستقطب “مؤثرين” لا يمتّون بصلة لعالم الفن والإعلام، بل اشتهروا بفضائحهم على منصات التواصل الاجتماعي.

خلال السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن المخرجين ومسؤولي القنوات يضعون معيار “عدد المشاهدات” فوق أي اعتبار آخر، متجاهلين تمامًا القيم والمبادئ التي يفترض أن تبنى عليها الأعمال الإعلامية. ففي سعيهم إلى جذب أكبر عدد ممكن من الجمهور، يفتحون الباب أمام شخصيات لا تملك أي كفاءة فنية أو فكرية، بل اكتسبت شهرتها من خلال محتوى مثير للجدل، غالبًا ما يكون قائمًا على التفاهة والفضائح. هؤلاء “المؤثرون” أصبحوا وجوهًا مألوفة في البرامج التلفزيونية والمسلسلات الرمضانية، ليس لأنهم يستحقون ذلك، بل لأنهم يمثلون ورقة رابحة لجذب جمهورٍ بات ينجذب لكل ما هو صادم ومنحط.

الإشكالية لا تكمن فقط في القنوات التي تسوّق لهذه الظاهرة، بل أيضًا في المجتمع الذي انساق وراء هذه الموجة، حتى أصبح جزء كبير منه مهووسًا بمتابعة الفضائح وكل ما هو تافه. لم يعد الاهتمام بالمحتوى الراقي أو الرسائل الهادفة حاضرًا، بل أصبحت الشهرة تُكتسب عبر التفاهة، وصار من ينشر أسوأ ما يمكن تقديمه في الإعلام هو الأكثر متابعة وتأثيرًا. هذه الديناميكية أدت إلى تراجع الذوق العام وطمس القيم التي يفترض أن تكون الأساس في أي منتج إعلامي.

في ظل هذا الواقع، تبدو الحاجة مُلحّة لإعادة النظر في المعايير التي يُبنى عليها الإعلام الجزائري، سواء من حيث اختيار الممثلين والضيوف أو من حيث نوعية البرامج التي تُبث على الشاشات. المسؤولية هنا لا تقع فقط على القنوات، بل أيضًا على الجمهور الذي يجب أن يدرك أن متابعته لهذه الظواهر تعزز من انتشارها. لابد من إرساء أسس واضحة تعيد للإعلام قيمته وتضع حدًا لهذا الانحدار الذي أصبح يطغى على المشهد الرمضاني.

إن استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الرداءة ستصبح القاعدة، وليس الاستثناء، وستتحول الشاشات إلى منصات تكرّس التفاهة بدل أن تكون منابر للوعي والإبداع. لذا، فإن إنقاذ الإعلام الجزائري من هذه المستنقعات يتطلب وعيًا مجتمعيًا ومسؤولية من طرف صناع المحتوى، حتى لا نصل إلى نقطة يصبح فيها الإعلام أداة تهديم بدل أن يكون وسيلة للبناء.

آخر الأخبار :